موضة وجمال

الهوس بحقن التجميل ينعش أسهم الشركات المنتجة

أصدرت مجموعة «جالديرما» السويسرية مؤخراً تقريراً يكشف عن توجه جديد في مجال التجميل، حيث يشهد إقبال فئتين رئيسيتين على علاجات الحقن التجميلية ارتفاعاً ملحوظاً. تتمثل الفئة الأولى في جيل الطفرة، وهم مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، بينما تضم الفئة الثانية مستخدمي أدوية إنقاص الوزن الذين تترهل وجوههم كأثر جانبي.

وقد انعكس هذا الإقبال المتزايد إيجاباً على أداء الشركة السويسرية في سوق الأسهم، حيث سجل سعر سهمها ارتفاعاً ملحوظاً منذ انفصالها عن شركة نستله عام 2019 وإدراجها في البورصة العام الماضي.

وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، فليمنغ أورنسكوف، أن هناك تغيراً جذرياً في نظرة المجتمع للتقدم في العمر، خاصة مع تزايد عدد الأشخاص الذين يحافظون على نمط حياة صحي لفترة أطول من السابق.

وأشارت الشركة إلى «ارتفاع ملحوظ» في عدد المستهلكين فوق سن الستين الذين يقبلون على العلاجات التجميلية. ويفسر الرئيس التنفيذي للشركة هذه الظاهرة قائلاً: «يعيش الناس اليوم فترة أطول تتراوح بين 10 و15 سنة إضافية، ويرغبون في أن يعكس مظهرهم الخارجي شعورهم بالحيوية والنشاط، وليس ما قد يبدون عليه لو لم يهتموا بصحتهم ومظهرهم».

وتحتل الشركة المركز الثاني عالمياً في سوق العلاجات التجميلية بالحقن، الذي تبلغ قيمته 9 مليارات دولار، بعد شركة «أبفي» الأمريكية. وتشمل هذه العلاجات نوعين رئيسيين: الأول هو المعدلات العصبية، وهي مواد تعمل على استرخاء عضلات الوجه لتقليل التجاعيد، والثاني هو الحشوات، وهي حقن تُستخدم لزيادة امتلاء البشرة.

وأشار أورنسكوف إلى أن أدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك» تمثل عاملاً مهماً في زيادة المبيعات، حيث يلاحظ أطباء الجلد تزايد عدد المرضى الذين يسعون لعلاج ما بات يُعرف بـ «وجه أوزمبيك» (وهو ترهل الوجه المصاحب لاستخدام هذا الدواء)، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها أدوية «جي إل بي ـ 1» مثل الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية.

وتابع أورنسكوف قائلاً: «عندما يفقد الشخص ما بين 8 إلى 10 كيلوجرامات أو أكثر من وزنه، يبدأ في ملاحظة ترهل في منطقة الوجه، وهنا تظهر الحاجة لاستخدام الفيلر».

وأضاف أن حقن «سكلبترا» هي الحل الأكثر شعبية التي تقدمها الشركة لمستخدمي أدوية إنقاص الوزن، مشيراً إلى أن هذا المنتج تم تطويره في الأصل لمساعدة مرضى نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) الذين يعانون الفقدان السريع للوزن.

وعلى الصعيد المالي، نجحت «جالديرما» في جمع نحو 2.3 مليار فرنك سويسري (2.7 مليار دولار) خلال طرحها العام الأولي في مارس من العام الماضي، حيث بدأت بسعر 53 فرنكاً للسهم، لتشهد نمواً قوياً تجاوز 100 % ليصل سعر السهم إلى 108.50 فرنك.

وأعلنت شركة «جالديرما» عن نمو قوي في مبيعاتها الصافية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، حيث ارتفعت بنسبة 9.2 % لتصل إلى 3.2 مليارات دولار. وجاء هذا النمو مدفوعاً بشكل رئيسي بقطاعين: الأول هو قطاع العناية الجلدية الطبية، الذي يضم علامات تجارية شهيرة مثل سيتافيل للعناية اليومية بالبشرة، والثاني هو قطاع الحقن التجميلية. أما القطاع الثالث، المتخصص في العلاجات الطبية الموصوفة، فقد شهد نمواً متواضعاً بلغ 2.9 % فقط.

وفي السوق الأمريكي، الذي يمثل 40 % من إجمالي مبيعات المجموعة، بلغ معدل النمو 2.5 % في الأرباع الثلاثة الأولى، وهو معدل منخفض مقارنة بنمو 14.5 % في الأسواق العالمية الأخرى، ويرجع ذلك إلى تراجع الطلب الاستهلاكي في السوق الأمريكي.

وتسعى الشركة لتنشيط مبيعاتها في السوق الأمريكي من خلال إطلاق منتجها الجديد «نيملوفيو»، المخصص لعلاج التهاب الجلد التأتبي، والذي حصل مؤخراً على الموافقة الرسمية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). وتشير إحصاءات الشركة إلى أن حوالي 7 % من سكان الولايات المتحدة يعانون من الإكزيما.

ورغم التباطؤ في السوق الأمريكي، كشفت شركة «جالديرما» عن تقدم ملحوظ في منافستها مع الشركة المهيمنة على سوق الحقن التجميلية، شركة «أبفي» الأمريكية، التي تمتلك العلامة التجارية الأشهر عالمياً «بوتوكس».

ووفقاً لتحليلات مؤسسة جيفريز المالية، فإن منتجي بوتوكس من أبفي وديسبورت من «جالديرما» يتصدران سوق المعدلات العصبية، مع تفوق ملحوظ لديسبورت الذي يستخدم في 80 % من العيادات الطبية الأمريكية، بينما يقتصر استخدام بوتوكس على 20 % منها.

وأعلنت «جالديرما» أن منتجها سكلبترا قد أصبح ثاني أكبر علامة تجارية في سوق الفيلر بالولايات المتحدة. وتوسعت الشركة في هذا المجال مؤخراً بإطلاق منتج فيلرجديد مبتكر، مصمم خصيصاً للأشخاص الراغبين في تحسين مظهر بنية عظام الوجه، ويستهدف بشكل خاص الرجال الذين يسعون للحصول على مظهر فك أكثر بروزاً وقوة.

ويعود تاريخ تأسيس المجموعة السويسرية «جالديرما» في شكلها الحالي إلى عام 2019، عندما قررت شركة نستله بيع قسم صحة الجلد التابع لها إلى تحالف من المستثمرين تقوده شركة الاستثمار الخاص «إي كيو تي» مقابل 10 مليارات دولار. جاء هذا القرار بعد أن توصلت شركة الأغذية العملاقة إلى أن هذا القسم لا يتناسب مع توجهها الاستراتيجي الذي يركز بشكل رئيس على قطاع التغذية.

وقبل ذلك، كانت «نستله» تدير وحدة العناية بالبشرة كمشروع مشترك مع شركة لوريال الفرنسية للتجميل، قبل أن تستحوذ على الملكية الكاملة في عام 2014 مقابل التخلي عن حصة من أسهمها في المجموعة الفرنسية بقيمة 2.6 مليار يورو.

وفي تطور لافت، أعادت «لوريال» في أغسطس الماضي شراء حصة 10 % في «جالديرما»، في خطوة يراها المحللون مؤشراً على تجدد الاهتمام بقطاع الحقن التجميلية، خاصة مع تفوق أدائه بشكل ملحوظ على القطاعات الاستهلاكية الأخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى