سياسة

بوريس جونسون يستسلم أخيراً ويقرر التنحي

لندن – وكالات

يلقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في غضون ساعات بيان تنحيه رسمياً، مستسلماً أخيراً للدعوات المطالبة برحيله، بعدما واجه تمرداً كبيراً في حزبه، استقال إثرها 55 مسؤولاً في حكومته، إثر سلسلة من الفضائح التي لاحقت إدارته.

وأكدت وسائل إعلام منها هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن جونسون سيستقيل، من رئاسة الحكومة وحزب المحافظين، في بيان يلقيه بعد ساعات، وذلك عقب يومين حافلين شهدا استقالة عشرات الوزراء والمستشارين في حكومته احتجاجاً على سياسته.

وجاءت استجابة جونسون للضغوط، بعد ساعات من تأكيده أمام مجلس العموم، عزمه القتال ورفضه إجراء انتخابات مبكرة، عنونت بعدها صحيفة «ذي تايمز» في صفحتها الأولى «جونسون يكافح من أجل الاستمرار».

وبدأت موجة الاستقالات الثلاثاء عندما أعلن وزيرا الصحة والمال ساجد جاويد وريشي سوناك من دون إنذار مسبق، استقالتهما من الحكومة ليليهما أعضاء آخرون في الحكومة أقل رتبة.

وشهدت الساعات الماضية استقالة كل من وزراء العدل والمالية والتعليم، والداخلية، ووزيري الدولة لشؤون المعاشات، وإيرلندا الشمالية.

وأكد مصدر، إنه بعد أكثر من 55 استقالة من الحكومة، ذهب بعض الوزراء إلى داوننغ ستريت ليخبروا جونسون بأن عليه الرحيل. وشجعه أحدهم على خروج يحفظ له كرامته، بأن يحدد بنفسه جدولاً زمنياً بدلاً من مواجهة تصويت على حجب الثقة. وقال مشرعون، إن السؤال الآن هو متى، وليس ما إذا كان عليه التنحي.

ودعت المدعية العامة لإنجلترا وويلز، سويلا برافرمان، الأربعاء، جونسون، إلى الاستقالة، وأصبحت الأولى بين وزراء الحكومة التي تقول إنها سترشح نفسها، لتحل محله في أي سباق لقيادة المحافظين.

دعوة للتنحي
وقالت برافرمان: «أعتقد أن الوقت حان لتنحي رئيس الوزراء». وأضافت، أنها لا تريد الاستقالة من منصبها، ولكن «إذا كان هناك تنافس على القيادة فسأضع اسمي في الحلبة».

واستقال وزير الأمن البريطاني داميان هيندز، الخميس، قائلاً إن البلاد بحاجة إلى تنحي جونسون لاستعادة الثقة في الديمقراطية.وقال هيندز في خطاب استقالته إلى جونسون: «الأهم من أي حكومة أو زعيم هو المعايير التي نتمسك بها في الحياة العامة والإيمان بديمقراطيتنا وإدارتنا العامة».

وأضاف:«بسبب التآكل الخطر في تلك الأمور، توصلت إلى استنتاج مفاده أن الشيء الصحيح لبلدنا ولحزبنا هو أن تتنحى عن زعامة الحزب ورئاسة الوزراء».

وانتقد العشرات نزاهة جونسون علناً، بعدما اضطر للاعتذار على تعيين مشرع في دور يتعلق بانضباط الحزب، رغم أنه محور شكاوى تتعلق بسوء السلوك.
وكانت تلك أحدث أزمة تعصف بحكومته فضائح وعثرات على مدى أشهر، إذ نُشر تقرير عن إقامة حفلات في مكتبه، ومقر إقامته في داوننغ ستريت في انتهاك لقوانين الإغلاق الصارمة المتعلقة بكوفيد-19، وفرضت عليه الشرطة غرامة.
ورغم الدعوات المتزايدة لاستقالته، قال جيمس دودريدغ، وهو نائب مساعد جونسون المقرب، لشبكة «سكاي نيوز» إن الزعيم البريطاني «مستعد للقتال»، بعد اجتماع مع كبار أعضاء فريقه الوزاري.
خطة جديدة
وأضاف دودريدغ أن جونسون، ووزير المالية الجديد ناظم الزهاوي، سيضعان خطة جديدة للاقتصاد الأسبوع المقبل تشمل تخفيضات ضريبية. وأقال جونسون الوزير مايكل جوف،المكلف شؤون الإسكان والمجتمعات، الذي دعاه للتنحي.
وانضم سايمون هارت وزير دولة لشؤون ويلز مساء الأربعاء إلى المستقيلين. وقال جونسون في وقت سابق، أمام لجنة برلمانية: «لن أستقيل وآخر شيء تحتاج إليه هذه الدولة بصراحة هو إجراء انتخابات». وأكد جونسون إن لديه تفويضاً من انتخابات 2019، التي فاز فيها بأغلبية كبيرة، وإنه لن يكون مسؤولاً عن ترك الوظيفة وسط أزمة غلاء وحرب في أوروبا.
ورفض جونسون الإفصاح عما إذا كان سيحاول البقاء في المنصب حتى لو خسر تصويتاً على الثقة. وقد يجري التصويت الأسبوع المقبل، إذا اتفقوا على تغيير قواعد الحزب. وفاز جونسون بصعوبة في تصويت مماثل الشهر الماضي.
انهيار الدعم
وقال نائب بارز من المحافظين طلب عدم الكشف عن هويته: «رئيس الوزراء واهم إذا شعر بأن في وسعه الصمود في وجه انهيار الدعم البرلماني». وأضاف: «إنه يحرج حزب المحافظين، ويبدي ازدراء للناخبين». لكن وزيرة الثقافة نادين دوريس قالت إنها تدعم جونسون، وأكدت أن هناك آخرين لا يزالون يدعمونه.
وفي وقت سابق، حاول جونسون إعادة تثبيت أركان سلطته من خلال تعيين الزهاوي، الذي يُنسب إليه الفضل في نجاح عملية توزيع لقاحات كوفيد-19، وزيراً للمالية.
وقال وزير الصحة ساجد جاويد في خطاب الاستقالة الذي استمع إليه جونسون: «في مرحلة ما علينا أن نقول كفى يعني كفى. أعتقد أن هذه المرحلة قد حان أوانها الآن». وفتحت استقالة وزيري المالية والصحة الباب أمام استقالة مزيد من الوزراء. وشكك نواب محافظون في أهلية جونسون للحكم.
انتقادات وسخرية
وفي جلسة بالبرلمان للرد على الأسئلة، كافح بعض أعضاء حزب جونسون لكتم ضحكاتهم، عندما سخر آخرون منه. وتعرض لاحقاً لانتقادات شديدة من «لجنة الاتصال»، حيث استجوبه سياسيون بشأن سلوكه السابق ودوافعه، وبعض الفضائح.
ووصل جونسون إلى السلطة قبل نحو ثلاث سنوات، ووعد بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإنقاذها من المشاحنات المريرة التي أعقبت استفتاء الخروج من التكتل عام 2016. ومنذ ذلك الحين، دعم محافظون بحماسة الصحفي السابق، لكن نهج إدارته القتالي، وسلسلة الفضائح استنفدت رضا نوابه، كما يتهم أيضاً بعدم بذل جهد كاف لمعالجة التضخم.
وقد يتغير كل شيء عندما تجري لجنة «1922»، التي تضع قواعد تصويت حجب الثقة، انتخابات لمجلسها التنفيذي، قبل تغيير القواعد، للسماح بتصويت ثان بشأن زعامته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى