تسلق 102 من أعلى قمم الأرض رافعاً علم وطنه
سعيد المعمري.. مواطن يصعد الجبال حاملاً رسالة سلام إماراتية إلى العالم
المصدر: إيناس محيسن ■ أبوظبي
الرغبة في التحدي والبحث عن التفوق قادا المغامر الإماراتي، سعيد المعمري، ليكون أول إماراتي يتسلق جبل إيفرست، وأول مغامر إماراتي ينضم إلى قائمة المستكشفين العالميين الصادرة عن ويكيبيديا، وأول إماراتي يتسلق أعلى قمم قارات العالم، وهو ما حفزه لدخول تحدٍ جديد، يتمثل في تسلق قمم دول العالم، حاملاً رسالة سلام وتسامح وعلم دولة الإمارات، واستطاع بالفعل أن يتسلق 102 قمة حتى الآن، متوقعاً أن ينتهي من هذه المهمة خلال عامين.
المعمري قال لـ«الإمارات اليوم» إنه مارس عدداً من الرياضات، وحاز ميداليات فيها، ولكنه لم يشعر بأنها تشبع رغبته في التحدي، باعتبار أن النجاح فيها يعتمد على تقنيات ومهارات معينة، إذا ما طبقها الشخص سيفوز ويحصل على ميدالية، فيما كان هو يبحث عن مجال يترك فيه بصمة مختلفة. وفي إحدى سفراته شاهد من الطائرة جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم، يقف في شموخ وهيبة، فشعر أنه المكان الذي يمكن فيه أن يتحدى نفسه، وأن يحقق التميز الذي يبحث عنه. موضحاً أن بدايته في مجال تسلق الجبال كانت في عام 2012، حين تسلق قمة جبل إيفرست من الصين، واستغرقت الرحلة 43 يوماً، بعدها سمع عن قمم قارات العالم، فعزم على تسلقها كتحدٍ جديد، وبالفعل استطاع أن يسجل اسمه كأول إماراتي يتسلق أعلى قمم قارات العالم، وكذلك يصل إلى القطبين الشمالي والجنوبي، وهو ما أهله للحصول على لقب «إكسبلورر جراند سلام».
وأشار المعمري إلى أن بحثه عن مزيد من التحدي قاده لأن يسعى للوصول إلى قمم دول العالم، حاملاً رسالة سلام للعالم، ليكون أول إماراتي يصل إلى هذه القمم، وأول شخص يقدم رسالة سلام من هناك، ويصبح علم الإمارات أول علم يتم رفعه عليها، وهو ما يعد حدثاً تاريخياً يؤهله للعديد من التكريمات. لافتاً إلى أنه بدأ هذا المشروع منذ خمس سنوات، واستطاع حتى الآن أن يتسلق 102 قمة، فيما تبقى له 91 دولة ليختم دول الكرة الأرضية كاملة، ومن المتوقع أن ينتهي خلال عامين.
وقال: «بعدما وجدت ذاتي في رياضة تسلق القمم، قررت أن أقدم عملاً للأمتين الإسلامية والعربية، ولدولة الإمارات، واخترت رسالة السلام، لأن دولتنا تسعى للسلام والتسامح، وتدعمهما كقيم أساسية في المجتمع، فرغبت في أن أوصل رسالة تعبّر عن أننا نطمح دائماً للأعلى، ولدينا القدرة والعزم لتحقيق الإنجازات، وأن نخط تاريخاً مشرفاً، خصوصاً أن هذه الرياضة معظم ممارسيها من الجنسيات الأجنبية، وأنه ليس هناك مستحيل مع الإرادة والعزيمة، إلى جانب العديد من الرسائل». لافتاً إلى أنه تخطى المرحلة الصعبة من رحلته، كما استطاع أن ينتهي من تسلق أخطر قمة في العالم، وهي قمة كي 2، أعلى قمة في باكستان، وثاني أعلى قمة في العالم بعد إيفرست، واستغرق تسلقها أكثر من شهر.
كتاب للسلام
وكشف المغامر الإماراتي أنه يجهز لإصدار كتاب بعنوان «القمة للسلام»، الذي يخصص فيه لكل دولة قام بتسلق أعلى قمة فيها صفحتين، الأولى تتضمن معلومات عن الدولة، والثانية تتناول معلومات عن أعلى قمة فيها، ورسائل سلام من شخصيات رسمية أو عامة أو مواطنين من هذه الدولة، يتحدثون فيها عن ماذا يعني السلام بالنسبة لهم، وأهميته في الحياة، بحيث يبرز الكتاب نظرة دول العالم للسلام. مشيراً إلى أنه سيكون أول كتاب يضم رسائل سلام من دول العالم، وسيتم نشره وتوزيعه وإهداؤه للشخصيات العامة، ورؤساء الدول، ولكل محبي الرحلات وتسلق الجبال، ومحبي السلام حول العالم.
وعن التحديات والصعوبات التي يواجهها خلال ممارسته لهذه الرياضة، أشار إلى أن أبرزها هي الحوادث، التي دائماً ما تحدث، وعلى المتسلق أن يأخذ الحيطة والحذر، واحتياطات الأمن والسلامة اللازمة لحمايته، ومن أهمها التهيئة النفسية، فلابد أن يكون المتسلق مهيأ نفسياً لبلوغ القمة، وكذلك لكل الاحتمالات التي قد تحدث خلال الرحلة، من حوادث ووحدة وغربة وجوع وعطش وبرد وطقس متقلب وإصابات محتملة، حتى يتمكن من مواجهة هذه التحديات كلها، وإذا تحققت هذه التهيئة يصبح الأمر أكثر سهولة. إلى جانب ضرورة التحضير البدني، خصوصاً أن هذه الرياضة تتطلب جهداً ونفساً عميقاً، لأنها تمتد فترة طويلة، وإذا لم يكن مهيأ جيداً فيمكن أن يخسر حياته أو ينسحب دون إكمال مهمته.
مبالغات السينما
ووصف المغامر الإماراتي الأفلام التي تتناول مغامرات تسلق الجبال بأن معظمها مبالغ في أحداثه، والبعض واقعي، نظراً لأن المُشاهد يشاهدها بحثاً عن الإثارة والآكشن. وقال: «تسلقت حتى الآن أكثر من 100 جبل في العالم، ومن خلال هذه التجارب أدركت أنه يمكن تفادي كثير من المخاطر عبر مراعاة شروط عدة، أهمها اختيار الموسم المناسب للتسلق، وفقاً للطقس والأحوال الجوية المتوقعة في هذا المكان في الوقت المحدد، والأخذ باحتياطات الأمن والسلامة، والتخطيط الجيد للرحلة، حتى اختيار الملابس المناسبة لابد أن يتم بدقة، حتى تكون خفيفة الوزن ومناسبة للطقس، وهكذا كل التفاصيل لا يجب التهاون فيها. وعندما نشاهد الأفلام التي تتناول قصصاً وحوادث واقعية عن التسلق، نجد أن سببها العشوائية، وعدم تجهيز المعدات اللازمة للتسلق، إلى جانب غياب التهيئة النفسية لدى المغامر لكل الاحتمالات، وذلك عندما يتعرض لحادث أو مشكلة يستسلم سريعاً، ولو حاول البحث عن حلول لنجا، وخلال تجاربي عرفت أصحاباً كثيرين أصيبوا في رحلات، لأنهم لم يكونوا مهيئين نفسياً، ولم يخططوا جيداً لرحلاتهم».
خبز رقاق فوق القمة
حول الأشياء التي يحرص المعمري على وجودها معه في رحلاته نحو القمم وطعامه خلالها، أوضح أن أهم ما يحمله هو القرآن الكريم، والأذكار التي يحرص عليها، كما يهتم بمنح نفسه فرصة لتأمل الطبيعة حوله. أما نظامه الغذائي فيعتمد على أكلات ذات صلاحية طويلة، وخفيفة الوزن. مشيراً إلى أنه وضع لنفسه نظاماً غذائياً مستمداً من البيئة المحلية، وتتوافر فيه المواصفات المطلوبة، مثل وجبات تضم شرائح لحم الإبل المجفف، التي تظل صالحة فترة طويلة، ولا تتأثر بالأحوال الجوية، وخبز الرقاق، وهو طعام خفيف الوزن، ويحتوي على سعرات حرارية جيدة، إلى جانب التمور المجففة، والعسل، والمكسرات، وغيرها من الأكلات الغنية بالطاقة، وخفيفة الوزن. وأضاف: «في المرتفعات يفقد الإنسان شهيته، ومن الصعب في تلك الظروف أن يبدأ في تجربة أكلات غريبة عليه، لذا يحتاج إلى طعام معتاد عليه، وقريب من نفسه، مثل الأكلات التي تربى عليها، ويمكن بسهولة أن يضعها في فمه خلال السير».