متهورون يعرّضون حياتهم للمخاطر بحثاً عن «ترند المطر»
المصدر: أحمد عابد – أبوظبي
كشفت الأحوال الجوية الاستثنائية، التي تعرّضت لها الدولة، أخيراً، عن سلوكيات فئة من المتهورين، الذين يغامرون بأرواحهم وسلامة الآخرين، من أجل تصوير مقطع فيديو أو التقاط صور لآثار الأمطار على الطرق وجريان الأودية، وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طمعاً في الشهرة وزيادة المتابعين وتحقيق «الترند».
وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو، التي نشرها أصحابها خلال المنخفض الجوي الأخير، وتظهرهم في حالة من التباهي بقيادة مركباتهم وسط تجمعات المياه في الطرق، وتصوير المركبات المتضررة، وغيرها من المشاهد.
وكانت الأمطار الغزيرة وتجمعات المياه قد تسببت في وقوع عدد من الحوادث المرورية على مستوى الدولة خلال السنوات الماضية، بسبب تجاهل بعض الأفراد والسائقين تحذيرات الأجهزة المعنية بضرورة الابتعاد عن مجاري المياه، حتى لا يتسببوا في تعريض حياتهم للخطر.
تصرفات سلبية
واستهجن مواطنون ومقيمون تصرفات الباحثين عن الشهرة و«الترندات» خلال فترة الحالة الجوية غير المسبوقة التي شهدتها الدولة الأسبوع الماضي، إذ اعتبروا أن تلك التصرفات سلبية وتسيء إلى صورة الدولة، كما أنها تعيق جهود رجال الشرطة والأجهزة المعنية بتسيير حركة السير والمرور في مثل هذه الظروف، وتقديم الخدمات والمساعدات للعالقين، مطالبين بتشديد العقوبات على مرتكبي مثل تلك التصرفات التي وصفوها بـ«غير المسؤولة».
وقال المواطن «أبوهزاع»، إن «هناك متطفلين، اعتادوا التجمع عند أماكن الحوادث من أجل تصويرها، ويبحثون عن الشهرة دون اعتبار لمعاناة الآخرين، ومن هؤلاء من يستغل موسم سقوط الأمطار وجريان الأودية، للقيام بعاداته، فهو من ناحية يعرض نفسه للخطر، ومن ناحية أخرى يخالف تعليمات الأجهزة المعنية التي تمنع الاقتراب من تجمعات المياه».
واقترح المقيم، محمد رمضان، تشديد العقوبة على المتهورين، الذين يقودون مركباتهم خلال تساقط الأمطار الغزيرة ووسط تجمعات المياه، من أجل التقاط مقطع فيديو أو صورة، تزيد من عدد المتابعين لديهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مشدداً على أهمية التوعية أيضاً من مثل هذه السلوكيات، وتأثيراتها السلبية في نقل صورة غير حقيقية عن الواقع في مثل تلك الظروف.
واستغربت نهى أحمد، وجود عدد كبير من المركبات على الطرق أثناء هطول الأمطار الغزيرة، رغم تحذيرات الجهات المعنية بعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى في مثل هذه الظروف، معربة عن اعتقادها أن هناك فئة من السكان تتعمد النزول وقيادة مركباتها في مثل تلك الظروف من أجل المتعة والتقاط الصور، متجاهلة أنها تعرّض نفسها والآخرين لمخاطر عدة.
تحذيرات
وأصدرت الجهات المعنية في الدولة تحذيرات عدة من خطورة السلوكيات المتهورة خلال تساقط الأمطار، فيما خصصت وزارة الداخلية، من خلال قانون السير والمرور الاتحادي، عقوبات مشددة بحق المستهترين خلال فترة تقلبات الطقس.
ودعت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث خلال تقلبات الجو الاستثنائية الأخيرة، إلى ضرورة البقاء في المنازل، وعدم الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى، وإيقاف السيارات في أماكن بعيدة وآمنة ومرتفعة عن مناطق جريان الأودية والشعاب وتجمعات المياه.
وأوصت باتخاذ الإجراءات الوقائية في حال سقوط الأمطار أو حبات البرد لتقليل تأثيرها على الممتلكات.
مساءلة قانونية
إلى ذلك، حذر الخبير المروري، الدكتور جمال العامري، من الاستعراض بالمركبات خلال تساقط الأمطار ووسط التجمعات المائية، لما لها من مخاطر جسيمة تعرض حياة الشخص للخطر والغرق في تجمعات المياه، وكذلك إشغال السلطات بتصرفات غير مسؤولة تنتج عنها أضرار لهم.
وقال إن الجهات الشرطية والمختصة في الدولة، أصدرت ضمن إجراءاتها الاستباقية الوقائية قبل المنخفض الجوي الأخير، تحذيرات وتعليمات للأفراد والسائقين بالابتعاد عن تجمعات المياه والبقاء في المنازل، وعدم الخروج إلا للضرورة حفاظاً على حياتهم وأرواحهم.
وأضاف أن مخالفة هذه التعليمات تعرض الأشخاص للمساءلة القانونية، فضلاً عن ما تمثله هذه السلوكيات من تعريض حياة الآخرين للخطر، وإعاقة جهود الشرطة والإنقاذ في مثل هذه الظروف.
وذكر أن ما أطلق عليهم «هواة مطاردة الأمطار وجريان الأودية» من قائدي المركبات، لا يدركون خطر ما يقومون به، مشيراً إلى أن بعضهم يفتحون بثاً مباشراً مع متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يغامرون بحياتهم بقيادة مركبة خلال الأمطار الغزيرة أو عبور الأودية بهدف الشهرة وزيادة المتابعين.
وأكد العامري ضرورة عدم قيادة المركبة نهائياً أثناء المنخفضات الجوية والأمطار الغزيرة والضباب الكثيف، والالتزام بتعليمات الجهات المعنية حفاظاً على حياة الأفراد.
تعزيز الوعي
من جانبه، أكد أستاذ الثقافة والمجتمع في الجامعة الكندية، الدكتور سيف راشد الجابري، أهمية العمل على تعزيز الوعي والثقافة لتعديل سلوكيات «الفئات المستهترة»، خصوصاً خلال أوقات تقلبات الجو والأمطار الغزيرة.
واعتبر الجابري تهور البعض خلال الأجواء الجوية الاستثنائية «أمراً مرفوضاً اجتماعياً ودينياً، ويخالف القيم والأخلاق والمبادئ العامة، وذلك من منطلق الأذى والخطر اللذين يتسببون فيهما لأنفسهم وللآخرين من خلال تصرفاتهم الطائشة، حيث إن المستهتر يوقع نفسه ومن حوله في تهلكة، وهو ما نها عنه ديننا، ويحسب ذلك على الشخص الذي يستعرض بمركبته في الطرق، ويتفاخر بالتصوير ليظهر مهاراته، وهو سلوك مخالف لكل القوانين والنظم، وعليه لابد من حماية المجتمع بردع هؤلاء المستهترين، بالطرق المناسبة».
وشدد على أهمية دور الأسرة والمؤسسات الإعلامية والتعليمية في تكثيف حملات التوعوية، التي تستهدف فئات المجتمع كافة، خصوصاً فئة الشباب، بأهمية الالتزام بقوانين وتعليمات الدولة، خلال تقلبات الطقس، بما يعزز إحساس المسؤولية لديهم وحسن التصرف، بما يضمن سلامتهم وممتلكاتهم.
تجاهل
بدوره، قال المحامي علي مصبح، إن «ما يثير الدهشة، هو تصرف بعض الأشخاص وتجاهلهم التحذيرات وعدم الالتزام بتعليمات الجهات المعنية، خلال فترة هطول الأمطار الغزيرة والعواصف، ظناً منهم أنها متعة للتصوير ومشاهدة المناظر الطبيعية، دون دراية منهم بتعريض أنفسهم والآخرين للخطر، فضلاً عن الخسائر المادية التي قد تلحق بالمركبات وإمكانية وقوع حوادث مرورية، قد تزهق بها الأرواح في بعض الأحيان، ما يؤثر على إجراءات السلامة وتشغيل أكبر قدر من عمليات الإنقاذ، ربما كان الأولى من البداية تفاديها وتجنبها».
وأضاف أن «البعض يتعمد تصوير مقاطع فيديو ونشرها على وسائل التواصل، لإثارة الرأي العام والسخط والاستهزاء نتيجة الأضرار البسيطة من تقلبات الجو أو تراكم المياه في بعض الأماكن الحيوية، غير مدركين أنهم بهذا التصرف يرتكبون جريمة يعاقب عليها القانون»، مشيراً إلى أن الظواهر الطبيعية تحدث في العالم دون سخط الناس منها، لأنها تعتبر من القوة القاهرة التي تستدعي ظروفاً استثنائية للتعامل معها.
وأوضح أن القانون ينص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة التي لا تزيد على 500 ألف درهم كل من نشر معلومات أو أخباراً أو بيانات أو صوراً مرئية أو مواد بصرية أو شائعات على موقع إلكتروني أو أي شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو إحدى سلطاتها أو مؤسساتها أو أي من قادتها المؤسسين أو علم الدولة أو عملتها أو السلام أو الشعار أو النشيد الوطني أو أي من رموزها الوطنية.
ونصح مصبح بعدم تصوير ونشر المقاطع التي قد تثير حفيظة الكثير أو الاستهزاء بأي إجراءات أو مناظر، ظناً منهم أنهم يجذبون عدداً من المتابعين والمؤيدين لهم وهم يقعون تحت طائلة العقوبات.
القيادة الآمنة
حذّرت شرطة أبوظبي من خطورة قيام السائق بالتصوير أو الانشغال بغير الطريق، مشددة على ضرورة التقيد بالسرعة المحددة والموضحة على «الشواخص» واللوحات الإرشادية الإلكترونية بالطرق.
ودعت السائقين إلى الالتزام بالقيادة الآمنة على الطرق الداخلية والخارجية أثناء هطول الأمطار والتقلبات الجوية، وعدم الاقتراب من أماكن جريان الأودية وتجمعات المياه، واتباع إرشادات وتعليمات الجهات المختصة حفاظاً على سلامة الجميع.
وحثت مستخدمي الطرق على متابعة حالة الطقس قبل التحرك بالمركبة، وخفض السرعات على الطرق، وترك مسافة أمان كافية بين المركبات.
مخالفات وعقوبات
حذّرت وزارة الداخلية من الاقتراب من مجاري السيول والأودية وتجمعات المياه في حالات تقلب الطقس وشدة الأمطار والرياح.
وشدد مجلس المرور الاتحادي العقوبة على المخالفين ضمن الجدول المرفق بالقرار الوزاري رقم (178) لسنة 2017، المتعلقة بالإجراءات الوقائية التي تتعلق بالتصرف الآمن خلال أوقات الطوارئ وحالات الجو الشديدة.
ونصت المادة (114) وهي مخالفة «دخول الأودية أثناء جريانها، أياً كان مستوى خطورتها» وغرامتها 2000 درهم و23 نقطة مرورية إلى جانب حجز المركبة 60 يوماً.
وشددت عقوبة «التجمهر بالقرب من أماكن الأودية والسيول والسدود خلال الأجواء الماطرة»، وفقاً للمادة الجديدة (113)، وذلك بالغرامة 1000 درهم وست نقاط مرورية تُضاف لملف السائق.
وشددت المادة (117) مخالفة «إعاقة الجهات المختصة من القيام بأعمالها بشأن تنظيم حركة السير والمرور والإسعاف والإنقاذ أثناء الطوارئ والكوارث والأزمات وسقوط الأمطار وجريان الأودية»، وغرامتها 1000 درهم وأربع نقاط مرورية وحجز المركبة 60 يوماً.