أخبارمحلي

المحكمة أكدت أن حرية الرأي أصل دستوري والقيد استثناء

القضاء ينتصر لحرية التعبير… ويلغي منع عرض مسرحية «في زين الزمان»

– لا مؤاخذة في التعبير والإبداع الفنيين طالما التزما القانون ولم يمسّا المحظورات
– الاتهام الجزائي لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الإنسان دوماً…
– مجرد الإحالة إلى النيابة العامة سبب لا يقوى بذاته ولا يبرر قرار منع العرض
– لكل عمل فني ذاتيته وكيانه المستقل عن غيره
– النص المسرحي تمت إجازته ما يؤكد خلوه من المحظورات

في انتصار جديد لحرية الرأي والتعبير المسؤولة، ألغت المحكمة الإدارية، برئاسة المستشار محمد جاسم بهمن، قرار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الصادر بمنع عرض مسرحية «في زين الزمان»، وقضت بشمول الحكم بالنفاذ المعجّل بلا كفالة.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن العرض المسرحي تمت إجازته من اللجنة المختصة التي أبدت عدم ممانعتها للعرض المسرحي.

وأكدت أنه «من المقرر أن الأصل الدستوري، هو حرية الرأي والتعبير عنه وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، وأن الاستثناء هو القيد، فلا يجوز أن يمحو الاستثناء الأصل، أو يجور عليه أو يعطله، بل يقتصر أثره على الحدود التي وردت فيه، وأن الحق في حرية التعبير الفني الذي يتمتع به الأشخاص من خلال الممارسات الفردية أو المشتركة بغية الوصول إلى نشر الفنون وإدخال البهجة والسرور إلى النفوس والإسهام في تطوير المجتمع، هو الذي لا يتضمن المساس بالمحظورات المنصوص عليهـا في القانون 3 /2006 وتعديلاته في شأن المطبوعات والنشر، ويراعي أحكام القانون في شأن حقوق الطفل وكل التشريعات النافذة في البلاد، فإذا لم يتجاوز الشخص هذه الحدود فلا محل لمؤاخذته في التعبير والإبداع الفنيين، كما أنه من المقرر أن القرار الإداري، يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع».

ورأت أن «القرار تصرف قانوني ولا يقوم أي تصرف قانوني بغير سبب، وإذا ذكرت جهة الإدارة سبباً لقرارها، فإنه يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري، للتحقق من مدى مطابقته للقانون أو عدم مطابقته، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وأن العبرة في تقدير مدى مشروعية السبب الذي بني عليه القرار تكون بمراعاة السبب الحقيقي الذي صدر استناداً إليه القرار المطعون فيه».

ولفتت إلى أن المادة (14) من الدستور تنص على أن «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي». وتنص المادة (36) منه على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكــل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون». كما تنص المادة (37) منه على أن «حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون».

وبينت أن «الثابت من واقع الدعوى ومستنداتها أن الشركة المدعية تقدمت إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بطلب إجازة عرض مسرحية (في زين الزمان) والذي تلقت بناءً عليه الكتاب المؤرخ 2024/3/14 بالإجازة المبدئية للعرض على أن تُمنح الإجازة النهائية بعد مشاهدة البروفة النهائية، إلا أنه – قبيل موعد عرض المسرحية اعتباراً من أول أيام عيد الفطر بتاريخ 2024/4/10 – تلقت الكتاب المؤرخ 2024/4/7 متضمنا قرار المجلس بمنع العرض بذريعة إحالة مُؤلفة المسرحية وبعض الفنانين المشاركين في تمثيلها من قبل وزارة الإعلام إلى النيابة العامة على خلفية مشاركتهم في مسلسل تلفزيوني تضمن الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع الكويتي»، مضيفة «وإذ كان من الأمور المسلمة أن الأصل في الإنسان البراءة وهو ما أكدته المادة (34) من الدستور بالنص على أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع)، وأن هذه القاعدة أساسية تفرضها الفطرة وتوجبها حقائق الأشياء وأقرتها الشرائع والمواثيق الدولية بما مفاده أن الاتهام الجزائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الإنسان دوما، وأنه لا سبيل لدحض أصل البراءة إلا بقضاء جازم لا رجعة فيه ينقض هذا الافتراض على ضوء الأدلة التي تقدمها النيابة العامة وتثبت ارتكاب المتهم الجريمة بركنيها المادي والمعنوي، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة التي فطر الإنسان عليها باعتباره من الركائز التي يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور وتقتضيها الشرعية الإجرائية».

وأضافت: «الأمر الذي يكون معه السبب الذي ذكرته الجهة الإدارية في القرار المطعون فيه والمتمثل في مجرد الإحالة إلى النيابة العامة لا يقوى بذاته على حمله ولا يبرره في الواقع والقانون، وهـو مـا يـوصــمـه بعدم المشروعية، لاسيما وأن المحكمة قد كلفت طرفي النزاع ببيان مـا تـم في تحقيقات النيابة العامة ومنحتهما أجلاً مناسباً إلا أن الحاضر عن الحكومة لم يقدم أي شيء، أما الحاضر عن الشركة المدعية فقد أفاد باستدعاء الكاتبة هبة مشاري أحمــد حمادة وسؤالها من قبل وكيل النيابة المحقق على سبيل الاستدلال دون توجيه أي اتهامات إليها أو إحالة أي أحد إلى المحاكمة الجزائية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الثابت من الكتاب المؤرخ 2024/3/14 في شأن الإجازة المبدئية لعرض المسرحية أن النص المسرحي تمت قراءته من قبل اللجنة المختصة التي انتهت إلى عدم ممانعتها من إجازته مع التوصية بمراعاة عبارة وردت في الصفحة (4) وأخرى وردت في الصفحة (8) فقط، وهو ما يؤكد خلوه إجمالاً من المحظورات وتوفر ضوابط وشروط مسرحيات الأطفال فيه بصرف النظر عن المسلسل التلفزيوني سالف الإلماح، بحسبان أن لكل عمل فني ذاتيته وكيانه المستقل عن غيره، وفوق هذا وذاك فإن القول بأن هذا المسلسل تضمن الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع الكويتي إنما ينطوي على اتهام واسع وفضفاض لا دليل عليه في الأوراق ولا يندرج تحت أي من الأفعال المؤثمة في التشريعات النافذة ذات الصلة في البلاد ومن أبرزها تلك الواردة في المواد (19) و (20) و (21) من القانون رقم 3 لسنة 2006 وتعديلاته في شأن المطبوعات والنشر، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه مشوباً بعيب السبب بما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها السير في استكمال إجراءات منح الإجازة النهائية لعرض المسرحية محل الدعوى بعد مشاهدة البروفة النهائية».

وذكرت عن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، أن الثابت للمحكمة أن «تأخير التنفيذ يترتب عليه ضرر جسيم بمصلحة الشركة المدعية يتمثل في حرمانها من رغبتهـا فـي عـرض المسرحية محل الدعوى اعتبارا من أول أيام عيد الأضحى بتاريخ 2024/6/16، ومن ثم فإنها تقضي بإجابة هذا الطلب عملاً بسلطتها التقديرية المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة (194) من القانون سالف الذكر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى