«بومايد» يؤسس متحفاً في منزله.. ليعيد الشريط إلى «زمن الطيبين»
المصدر: إيناس محيسن – أبوظبي
«هي رحلة نحو السعادة والبهجة وليست متحفاً».. هكذا يصف علي ناصر (بومايد) «متحف الفيديو» الذي أسسه في منزله بأبوظبي، موضحاً أن فكرة المكان تقوم على أن يشعر الزائر بالسرور وهو يستعيد ذكريات طفولته وشبابه، وأن يتيح المكان كذلك للأجيال الجديدة التعرف إلى أجواء الترفيه والفن في منتصف القرن الماضي، من خلال مجموعة كبيرة من المقتنيات المرتبطة بأرشيف صناعة الأفلام وتاريخ السينما والفيديو من مختلف أنحاء العالم مع التركيز على المنطقة العربية.
وقال «بومايد» لـ«الإمارات اليوم»، إن المتحف – الذي افتتحه في 22 فبراير عام 2022 – يضم مجموعة كبيرة من المقتنيات لا يعرف عددها بالتحديد، إذ بدأ في جمعها في عمر الـ20 عاماً، لشغفه بعالم السينما وصناعة الأفلام، كما كانت ظاهرة أفلام الفيديو شائعة في تلك الفترة (التسعينات)، وانتشرت خلالها محال تعرف باسم «نوادي الفيديو» تقوم ببيع وتأجير الأفلام والمسرحيات المسجلة على شرائط الفيديو، وكانت الأسرة تجتمع معاً لمشاهدة هذه الأعمال.
وكشف عن أنه اقتنى عدداً كبيراً من هذه الشرائط، وكان يحلم بافتتاح محل فيديو وظل هذا الحلم في ذهنه ولم يتحول إلى واقع حتى تحقق أخيراً من خلال المتحف.
وأضاف علي ناصر: «استمرت هواية جمع المقتنيات الخاصة بالسينما وصناعة الأفلام، وظل حلم افتتاح (نادي الفيديو) في ذهني حتى تحول إلى فكرة المتحف وهي أفضل بكثير، لأنها تقدم للزوّار فرصة للعودة إلى الماضي، واستعادة ذكرياتهم مع كل فيلم أو (بوستر) أو عمل رسوم متحركة أو أغنية يضمها المكان بين أرجائه دون مقابل، ومع كل شخص استقبله في المكان أرى وأسمع قصصاً تجمع مشاعر مختلطة بين السعادة والشجن والفقد، والجميل أنها مشاعر صادقة، وتصدر بعفوية من قلوب الناس، وتعكس مدى تأثرهم وسعادتهم بالفكرة».
مقتنيات فريدة
وفي استعراضه لمقتنيات المتحف، أشار علي ناصر إلى أن كل قطعة لها أهميتها لديه، لاسيما التي ترتبط بقصص أو مواقف مختلفة، لكن بشكل عام هناك قطع نادرة من أبرزها أسطوانة صادرة عن «صوت القاهرة»، وتضم لقاءات مع مجموعة من نجوم الفن والثقافة في مصر وتقدمها الإذاعية الشهيرة آمال فهمي، وترجع أهمية هذه الأسطوانة إلى أنها النسخة الوحيدة الموجودة حالياً، كذلك مجموعة «بوسترات» نادرة لأعمال رسوم متحركة قدمتها شركة جمال الليثي للإنتاج قبل إغلاقها، وتضمنت العديد من الأعمال التي نشأت عليها أجيال مثل «غريندايزر» و«زينة» و«كابتن ماجد» وغيرها.
ويعتمد تنظيم المتحف على عدد من الأقسام التي تتداخل لتروي معاً حكاية متكاملة، وترسم لوحة لأبرز ملامح صناعة الأفلام في النصف الثاني من القرن الماضي. ويُعدُّ قسم السينما العربية من أبرزها، إذ يضم مجموعة كبيرة من الملصقات الدعائية (الأفيشات) لأفلام ومسرحيات عربية، مع تفوق واضح للأعمال المصرية، وهو ما أرجعه علي ناصر إلى أسبقية مصر نحو تأسيس صناعة سينمائية راسخة، وما تتفرد به من غزارة في الإنتاج منذ بداية القرن الماضي وحتى الآن.
أيضاً تستحوذ السينما العالمية على قسم كبير من المتحف، إذ ضم ملصقات لأبرز أفلام إنتاج السينما الأميركية «هوليوود» والسينما الهندية «بوليوود» في تلك الفترة.
كما يحتوي المكان على قسم لشرائط الفيديو مع دفاتر كانت تستخدم في تسجيل استعارة الأفلام، وآخر لأعمال الرسوم المتحركة، إلى جانب قسم لأسطوانات الغرامافون لفنانين مختلفين، مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ ووردة وغيرهم، وأجهزة غرامافون وراديو وهواتف قديمة، وألعاب قديمة وغير ذلك من المقتنيات التي شكلت ملامح الحياة اليومية في البيوت في تلك الفترة.
دعم ومتابعة
وعن صعوبة الاعتناء بهذا العدد الكبير من المقتنيات، وهل يحتاج إلى دعم لمواصلة مشروعه، خصوصاً أنه غير ربحي ومفتوح للزيارة مجاناً أمام الجميع، أكد ناصر أن المتاحف الشخصية، وليس متحفه فقط بحاجة إلى دعم من الجهات المختصة، باعتبارها مبادرات ثقافية وتراثية تسهم في التعريف بمجتمع الإمارات في فترات زمنية مختلفة، ودعم الحراك الثقافي والسياحي في الدولة، مع ضرورة الحفاظ على الطابع الشخصي الذي قامت عليه هذه المبادرات.
وتطرق «بومايد» إلى كتابه «يلا شردة»، واعتزازه بترشحه ضمن القائمة الطويلة لـ«جائزة الشيخ زايد للكتاب» في إحدى دوراتها، مشدداً على أن الكتاب مثل المتحف، يركز على «زمن الطيبين» ويستدعي ذكرياته وأصدقائه عن الطفولة والفريج والألعاب التي كانوا يلعبونها، والمدرسة ومغامراتهم البسيطة مع المدرسين ومع زملائهم، والحياة الاجتماعية التي كانت تتسم بالبساطة والقرب من الناس، والاحتفاء بالعادات والتقاليد الأصيلة للمجتمع الإماراتي، معرباً عن أمله أن يسهم الكتاب في تعريف الأجيال الجديدة بملامح الحياة التي عاصرها في طفولته وشبابه، وأن يصل إلى قلوب الناس ليتفاعلوا معه.
رسالة شكر للأسرة
وجّه مؤسس «متحف الفيديو» علي ناصر، رسالة شكر لأسرته، معرباً عن اعتزازه بالجهود التي تقوم بها في مساعدته على تنفيذ المشروع والاعتناء به، واستقبال الزوار والترحيب بهم، معتبراً أنه من دون هذه الجهود كان من الصعب تنفيذ الفكرة بالشكل الذي ظهرت عليه.
علي ناصر:
. مع كل شخص أستقبله أرى وأسمع قصصاً تجمع مشاعر مختلطة بين السعادة والشجن والفقد.. والجميل أنها صادقة وعفوية.
. المتاحف الشخصية، وليس متحفي فقط، بحاجة إلى دعم من الجهات المختصة باعتبارها مبادرات ثقافية وتراثية.
. 22 فبراير 2022 افتتح ناصر متحفه الذي يضم مقتنيات متنوعة.