تجار من دون رخصة.. يمنحون حلم التنحيف عبر «إبر مانجارو»
تحقيق: عهود النقبي
شهد عالم الطب أخيراً إقبالاً واسعاً ممن يودّون إنقاص أوزانهم، تحديداً على إبر التنحيف التي يلجأ إليها الناس عادةً بديلاً غير جراحي يساعدهم على تخطي أوزانهم بعد محاولات عدّة في الالتزام بجدول غذائي صحي مع ممارسة الرياضة، إلا أن هناك ممن لا يتلقون نتيجة واضحة بالرغم من التزامهم، وهذا ما قد يلعب عليه بعض «التجار المخادعين» ممن تسوّل لهم أنفسهم بالمتاجرة وبيع هذه الإبر، من دون اتباع وصفة طبيب، ومن جانب آخر ضعف ثقافة المقبل على هذا النوع من العلاج، التي قد توصله إلى شراء الإبر، من دون إدراك بالمخاطر التي قد تلحق بصحته نتيجة عدم استشارة الطبيب، حيث إن هذه الإبر اعتمدتها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ورخّصتها لعلاج السكري من النوع الثاني وليس لخفض الوزن.
وتحتوي إبر «مانجارو» على المادة الفعالة التيرزيباتيد، التي تساعد في خفض مستويات السكر في الدم لمرضى السكري من النوع الثاني، جنباً إلى جنب مع اتباع حمية غذائية، وممارسة التمارين الرياضية حيث يعمل الدواء بطرائق عدة، وتشمل زيادة إفراز الإنسولين وإبطاء عملية امتصاص الطعام، ما يسبب الشبع لأوقات أطول، وخفض كمية السكر المصنعة بالكبد.
أما فيما يخص استخدام الإبر للتنحيف، فلم توافق الإدارة العامة للغذاء والدواء، حتى الآن، على استخدام الدواء لذلك، على الرغم من نتائج التجارب السريرية في ذلك، ومازالت الدراسات قائمة.
فرط الحساسية
ويمنع هذا النوع من العلاج استخدام الدواء، من دون استشارة الطبيب المتخصص لدى الذين يعانون فرط الحساسية تجاه أحد مكونات الدواء، وكذلك الذين يملكون تاريخاً بالإصابة بسرطان الغدة الدرقية النخاعي، وممن يعانون متلازمة أورام الغدد الصماء المتعددة من النوع الثاني ومرضى السكري من النوع الأول.
وتتمثل آثاره الجانبية في ألم المعدة وعسر الهضم، وضعف الشهية والغثيان والقيء والإسهال أو الإمساك، أما مضاعفاته الخطرة فتتلخص في خطر الإصابة بأورام الغدة الدرقية، والتهاب البنكرياس، وانخفاض سكر الدم، واضطرابات المعدة الشديدة، ومشكلات الكلى وأمراض المرارة.
وظهر عدد من الأطباء المتخصصين بجراحات السمنة على مواقع التواصل، أخيراً يحذرون من استخدام هذه الإبر عشوائياً، معتمدين على تجارب من حولهم، بالرغم من معرفتهم بأن النتائج قد تختلف من شخص لآخر. واستعرض طبيب متخصّص بجراحات السمنة والمناظير قصة وفاة ممرضة بريطانية بسبب استخدامها لعقّار «مانجارو»، حيث أكد عبر حسابه أنه لا تُوجد ضمانات يقدمها الطبيب تمنع من آثار هذه الإبر في صحة البنكرياس، ما تبين بعد التشريح، حيث إنها كانت تعاني التهاباً حاداً في البنكرياس، ونصح بـاستشارة أطباء متخصصين بجراحات السمنة، فهم من يحددون الإجراء السليم الذي يمكن اتباعه.
بالرغم من ذلك، «الخليج» تكشف عن بعض تجارب المرضى، ممن طالتهم الآثار الجانبية لاستخدام إبر «مانجارو»، من دون وصفة طبيب، بسبب الركض وراء حلم التنحيف، والوزن المثالي، وتعرضهم لخداع تجار وهميين، حيث إنهم لا يزالون يعانون مضاعفات أكبر وأخطر من تلك المذكورة في الوصفة الطبية.
تجربة خطرة
أكد مجموعة ممن خضعوا لتجربة حقن إبر «مانجارو»، أن التجربة كانت أخطر من تصورهم، مع اعترافهم أن الخطأ بدأ عند تخليهم عن وصفة الطبيب، في هوس انتقل إليهم وكأنه عدوى من المشاهير وممن لديهم تجارب قد تكون ناجحة ومناسبة لوضعهم الصحي، بينما قد تشكل خطراً على حياة آخرين تجاهلوا استشارة الأطباء والأعراض الجانبية والاستعداد الجسماني لتلقي هذه المادة الطبية، بالرغم أن معدل نتائجها الإيجابية جيداً، فإن الخطورة تتشكل وتبدأ حينما لا يعود الأمر لتقييم طبيب..
تسويق الأدوية
وقال «ف. ش» إنه سمع أكثر من طبيب يقولون إن المعايير التي توضع لقياس نسبة السكر في الدم غير دقيقة، وهي أدنى من الطبيعي، ليعمل من وضعوها على تسويق الأدوية التي تعالج السكر، بحيث يقيس الشخص نسبة السكر لديه، فتكون أكثر من المعدل «العالمي» بعشرة أرقام أو خمسة عشر رقماً، فيشعر بالخوف، ويسعى لتناول الدواء المضادّ لارتفاع السكر..
وأضاف أن إبر «مانجارو» مشمولة بالتأمين، في بعض الحالات الضرورية، لأن سعرها مرتفع، وقد لا يتمكن الشخص العادي، غير المشمول بالتأمين من شرائها.
وأكد «أ. ن» أنه سمع عن نتائج إبر «مانجارو» من أحد أقاربه، خضع لتجربة في عيادة تجميلية يتوفر بها هذا الإجراء غير الجراحي، إلا أن ذات الشخص نصحه بشرائها عبر «تاجر وهمي» يشتري كميات من هذه الإبر من الخارج للمتاجرة بها بسعر رمزي، ما دعاه إلى تجربة هذا النوع من الحقن، من دون العودة إلى الأطباء، بكميات مبالغ بها ودون انتظام ودون وعي بمخاطرها، ما تسبب له بجفاف حاد نتيجة الإسهال المتكرر وقلة منسوب السوائل في الجسم، وهي واحدة من الآثار الجانبية التي قد تتحول إلى مضاعفات نتيجة استهلاك هذه الحقن بعشوائية. وأوضح أنه تلقى الرعاية في المستشفى لبضعة أيام، إلا أنه يشتكي إلى الآن من بعض الانتفاخات نتيجة زيادة الغازات، ما قد يشكل بعداً خطراً على صحة الأمعاء.
إنزال الوزن
وأشارت «س.م» وعمرها 48 عاماً، إلى أن استخدامها لإبر «مانجارو» أتى بعد محاولات عدّة لإنزال الوزن، وبعد التزامها بجداول غذائية مختلفة، إلا أن النتيجة كانت محصورة بنزول بعض الكيلوغرامات التي لم تحسن مظهرها الخارجي، فكان القرار الأسوأ كما وصفته، أنها اشترت إبر «مانجارو» من أحد التجار، ضمن عرض مغرٍ حيث تضمن شراء الإبرتين بأن تكون الثالثة مجاناً، وبالرغم من أنها استمعت إلى كثير من تجارب المشاهير، وعن احتمالية وجود مضاعفات، فإنها كانت متمسكة بقرار التجربة، وبالرغم كذلك من إصابتها بارتفاع ضغط الدم، فإنها لم تجر الفحوص اللازمة التي يوصي بها الأطباء قبل تناول أي مادة طبية، ما تسبب لها بمضاعفات مثل الإسهال والقيء، ما جعل وزنها ينزل بطريقة غير صحية بسبب فقدان السوائل، وعدم قدرتها على تناول الطعام نتيجة فقدان الشهية الحاد، ما أثر في صحتها بشكل عام، ونفسيتها بشكل خاص.