ذكريات مشتركة تتحوّل إلى وسيلة للابتزاز الإلكتروني
«متسللون» يجمعون الصور ومقاطع الفيديو لتهديد أصحابها بإعادة نشرها
المصدر: سمية الحمادي – المنطقة الشرقية
حذّر خبير تقني ومستشاران تربوي وقانوني من أن «الجروبات» القديمة، والمنسية، التي تركها أعضاؤها دون حذف الصور ومقاطع الفيديو الموجودة فيها، قد تصبح مصدراً للابتزاز الإلكتروني.
ودعوا إلى الحذر عند مشاركة أي محتوى شخصي على هذه المنصات، والتأكد من حماية الحسابات الشخصية باستخدام ميزات الأمان المتاحة، إضافة إلى إبلاغ الجهات المختصة عن أي محاولات ابتزاز يتعرضون لها، لضمان حماية خصوصيتهم.
ويعتمد المبتزون الإلكترونيون على أساليب متجددة للإيقاع بضحاياهم، لعل أحدثها استهداف أعضاء الجروبات، خصوصاً التي مضى على إنشائها وقت طويل، ففي العديد من الحالات يغادر الأعضاء المجموعة دون حذف الصور والفيديوهات القديمة، ما يجعلهم عرضة للابتزاز، بعد أن يخترق مبتز المجموعة نفسها، ويجمع الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بأعضائها، ويهددهم بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي.
وأكدت المستشارة التربوية، الدكتورة بدرية الظنحاني، أن الابتزاز يمثل شكلاً من أشكال الإكراه، حيث يجبر الشخص على التخلي عن شيء ذي قيمة، مثل المال أو أي من الممتلكات.
وأفادت بأن من تراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً هم الفئة الأكثر عرضة لهذا النوع من الجرائم، حيث يواجهون ضغوطاً نفسية شديدة من المبتزين من جهة والأسر والمجتمع من الجهة الأخرى.
وأوضحت أن المبتز غالباً ما يكون شخصاً يعاني اضطرابات سلوكية وعدم استقرار عائلي، ما يدفعه إلى ممارسة هذه الأفعال لتعويض غياب الدعم الأسري، كما أنه قد يتعلم هذه السلوكيات من الآخرين.
وشدّدت على ضرورة اتباع خطوات عدة لتفادي أضرار الابتزاز، أبرزها الإبلاغ الفوري للسلطات المختصة لتحقيق العدالة ومنع حدوث مزيد من الجرائم، مؤكدة أهمية بناء المرونة والوعي لدى الأفراد وتثقيف المراهقين وفئات المجتمع حول الأساليب التي يستخدمها المبتزون للتلاعب بالضحايا.
وأوضحت أن فهم التكتيكات النفسية والخدع التي يلجأ إليها المبتزون، مثل إثارة المخاوف والتلاعب العاطفي، أمر ضروري لحماية الصحة النفسية للضحايا ومنع تأثيرها السلبي عليهم.
وأكد الخبير التقني في مجال أنظمة التشغيل والمحاضر في كليات التقنية العليا، المهندس محمد الشحي، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي نافذة تتيح لنا التواصل مع الآخرين، وتبادل الآراء، وتوثيق اللحظات الخاصة، ولكن، على الرغم من فوائدها العديدة، فهي لا تخلو من المخاطر، خصوصاً مع تزايد اعتمادنا عليها، مشيراً إلى تحديات متعلقة بالأمن والخصوصية فيها، حيث يمكن أن تتحوّل لحظاتنا الشخصية إلى أداة للابتزاز، والتلويح بنشر محتوياتها.
وقال الشحي إن متسللاً جمع بيانات 700 مليون شخص في عام 2021، عبر برنامج البحث عن الوظائف «لينكد إن»، وعرضها للبيع على الإنترنت. وشملت معلومات حساسة يمكن استغلالها لتنفيذ هجمات أكثر تطوراً مثل سرقة الهوية.
وعرض لحادثة تسريب بيانات «فيس بوك» التي حصلت في عام 2019، وكشفت عن أكثر من 540 مليون سجل لمستخدمي المنصة على خوادم غير مؤمنة، ما أتاح للقراصنة الوصول إلى معلومات حساسة، مثل معرفات المستخدمين والتعليقات والتفاعلات.
وأضاف أن الهجمات الإلكترونية لا تقتصر على السرقات الكبرى، بل تشمل الأفراد لأسباب شخصية مثل الاختراقات الانتقامية على منصة «سناب شات»، حيث تمكن أشخاص من اختراق حسابات شركائهم السابقين وتسريب صور ورسائل خاصة بهدف الانتقام، ما تسبب في حدوث أضرار للضحايا وأدى في بعض الحالات إلى اللجوء للقانون.
ورأى أن «تأثير الاختراقات على المجموعات المنسية والحسابات المهجورة في منصات التواصل الاجتماعي يتجاوز مجرد فقدان البيانات أو انتشار المعلومات الشخصية، إذ يمكن أن تترك هذه الحوادث جروحاً نفسية لدى الضحايا، نتيجة انتهاك خصوصيتهم، وقد تؤدي إلى تشويه سمعتهم الشخصية والمهنية».
وحول طرق الحماية من الوقوع في شراك المبتزين الإلكترونيين، دعا إلى اتباع بعض الإجراءات الاحترازية، مثل اختيار كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، وعدم إعادة استخدامها في موقع آخر، لأنها تجعل من السهل على المتسلل الوصول إلى الحساب واختراقه. كما دعا إلى تفعيل التحقق بخطوتين، الأمر الذي يوفر طبقة أمان إضافية، حيث يتعين على المستخدم تقديم رمز يرسل إلى هاتفه المحمول، إضافة إلى كلمة المرور للدخول إلى الحساب.
ونصح بتغيير كلمات المرور بانتظام لتقليل خطر الوصول غير المصرح به.
وحثّ على توخي الحذر من الهجمات الاحتيالية التي قد تصل عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، ومراقبة نشاط الحسابات بشكل منتظم للكشف عن أي تغييرات غير معروفة أو نشاط غير مصرح به، مع حذف الصور والفيديوهات من الحسابات قبل إغلاقها أو هجرها.
وذكر المستشار القانوني، راشد الحفيتي، أن عقوبة الابتزاز الإلكتروني هي الحبس وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم، موضحاً أن القانون ينصّ على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ابتز أو هدد شخصاً آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات. وأضاف أن العقوبة تكون السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات، إذا كان تهديداً بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار.