مجتمع

«التفكك الأسري الخفي» يقود أبناء إلى التعاطي

انعدام الحوار وانشغال الأبوين بالهواتف الذكية و«التواصل الاجتماعي» أبرز الأسباب

المصدر: أحمد عابد – أبوظبي
حذر قانونيون واختصاصيون من ظاهرة «التفكك الأسري الخفي»، مؤكدين أن غياب الحوار وانشغال أفراد الأسرة داخل المنزل بالهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، من شأنه أن يعرّض الأبناء لمحاولات تصيد واستدراج من تجار المخدرات عبر الإنترنت، والوقوع في طريق الإدمان.

وتفصيلاً، حذر مدير إدارة المراقبة وجمع المعلومات في مديرية مكافحة المخدرات في شرطة أبوظبي، العميد الدكتور جاسم الخزرجي، من ظاهرة أسرية جديدة، تقود الأبناء إلى تعاطي المخدرات، هي «التفكك الأسري الخفي». وقال الخزرجي لـ«الإمارات اليوم»، إنه من واقع قضايا تعاطي المخدرات، «اكتشفنا الكثير من الأسباب التي قادت الأبناء إلى تعاطي المخدرات، ومن أبرزها انشغال الأبوين والأبناء بالهواتف الذكية، والتواصل الاجتماعي، وانعدام الحوار الجماعي بينهم داخل المنزل الواحد، وهو ما نسميه التفكك الأسري الخفي».

ودعا الخزرجي إلى تعزيز الحوار العائلي بين الآباء والأبناء لتوجيههم إلى الطرق الصحيحة في الحياة والتعامل مع المشكلات التي تواجههم، وتوعيتهم بمخاطر المخدرات.

ولفت إلى أن قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المادة رقم (89) تحمي كل من تقدم للعلاج، بمعنى أنه لا يوجد أي عقوبة ولا تقام الدعوى الجزائية على من يبادر للعلاج في أحد المصحات العلاجية، سواء من تلقاء نفسه أو من خلال واحد من أهله حتى الدرجة الثانية أو الزوجة شرط الالتزام بالخطة العلاجية.

ونبه إلى أهمية اكتشاف حالات التعاطي مبكراً، إذ يمكن لأولياء الأمور معرفة أن ابنهم يتعاطى المخدرات في حال الشك واكتشاف إحدى الأدوات التي تستخدم في تعاطي المخدرات داخل المنزل أو الغرفة، ومن ذلك الإبر والملاعق المحروقة، لذا من الأهمية للأسرة الانتباه لمثل هذه الأمور في غرف أبنائها. وقال إن هناك أضراراً جسدية عدة لتعاطي المخدرات يمكن ملاحظتها على مريض الإدمان، مثل شحوب الوجه والهالات السوداء تحت العين وعلامات الإبر بالذراعين، وإهمال الدراسة والعمل والنفسية العصبية وتقلب المزاج، وتختلف الأعراض من نوع إلى آخر، وهناك أنواع من المخدرات الخطرة التي تسبب الوفاة في حالة تعاطي جرعة زائدة. وأضاف أن لدى شرطة أبوظبي استراتيجية واضحة في مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، موضحاً أن الاستراتيجية المتخصصة لمكافحة المخدرات في شرطة أبوظبي، تنقسم إلى شقين الأول خفض العرض من المخدرات، من خلال القضايا والضبطيات وملاحقة تجار المخدرات وضبطهم وتقديمهم للعدالة، والشق الثاني تقليل الطلب والتوعية ورفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع، بأضرار المخدرات المختلف، مضيفاً أن شرطة أبوظبي أطلقت حافلة «بادر» وتتوافر فيها جميع وسائل التوعية بأضرار المخدرات، وتتجول في المناطق السكنية والمدارس وتشارك في المناسبات على مستوى إمارة أبوظبي، والأفراد المجتمع.

دور الأسرة

من جانبه، أكد المستشار الأسري، الدكتور سيف راشد الجابري، أهمية دور الأسرة في وقاية الأبناء من الوقوع في براثن المخدرات والمؤثرات العقلية، وحمايتهم من خطر هذه الآفة، التي تهدد المجتمعات على مستوى العالم.

وقال إن التوعية وتعزيز الوازع الديني وغرس القيم الأصيلة، لدى الأبناء تعد من الأمور الأساسية والمهمة في محاربة آفة المخدرات في أي مجتمع، وهي مسؤولية رئيسة تقع على الأسرة والمؤسسات المعنية، وتعزز جهود مكافحة المخدرات. ولفت إلى أن عصابات المخدرات لا تتوقف عن محاولاتها الحثيثة لترويج ونشر المخدرات بين شباب أي مجتمع، وتستغل شتى الوسائل الممكنة لتحقيق مآربها، ومن ذلك استغلال وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي، للترويج لبضاعتها المسمومة، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وترويضها في ترويج وتجارة المخدرات. وأكد الجابري أهمية تكامل الجهود بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات المعنية، للحد من خطر تعاطي المخدرات، وتشجيع النشء والشباب على شغل أوقاتهم في مجالات تفيدهم وتعود بالنفع على وطنهم ومجتمعهم.

رقابة أسرية

من جانبه، قال المحامي علي مصبح، إن غياب الرقابة الأسرية على الأبناء يعرضهم لإمكانية تصيدهم عبر رسائل إلكترونية تروج للمخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مصبح لـ«الإمارات اليوم»: «إن كثيراً من المروجين استثمروا تطور التكنولوجيا في نظام التواصل الاجتماعي، لكي ينفذوا جريمتهم بكل سهولة ويسر، فلا يتطلب منهم أي جهد فربما يكون المجرم على أريكته ومع هاتفه وينفذ خلالها مئات الجرائم بكبسة زر دون عناء أو مجهود، ولا يهم مرتكب الجريمة في هذه الحالة من الضحية، أو جريمته التي ارتكبها، فقد يكون من كبار السن، وقد يكون حدثاً أو أصغر من ذلك».

وأضاف «هناك تجار مخدرات اعتادوا خلال الفترة الأخيرة، الترويج والبيع عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والاتفاق والاستلام والتسليم دون ظهورهم على العلن، ظناً منهم أنهم اختبؤوا خلف جدار ساتر، وأعتقد أن كثيرين تلقوا رسائل عبر (واتس أب) عن ترويج مواد مخدرة بأسعار زهيدة، مع إمكانية شرائها عبر تحويل المبلغ إلى الحسابات البنكية فقط، وتسلمها في أقرب مكان إليك، وقد تكون هذه الرسائل فخاً لضعاف النفوس، إذ بمجرد إرسال الأموال إلى الحساب، تُسرق ويتعرض الضحية لجريمة احتيال إلكتروني».

وأكد مصبح أن «أساليب الاحتيال التي يتبعها تجار لا تنطوي على السلطات الأمنية أبداً، إذ تمكنت من رصد وإلقاء القبض على العديد من عصابات ومروجي المواد المخدرة».

وأشار إلى أن «المرسوم بقانون بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية نص على أنه: يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، للاتجار أو الترويج للمخدرات أو المؤثرات العقلية وما في حكمها أو كيفية تعاطيها أو لتسهيل التعامل فيها في غير الأحوال المصرح بها قانوناً».

وحذر مصبح الأبناء من التجاوب مع الرسائل المسمومة، لافتاً إلى أن المسؤولية هنا تقع على الأهل، بخطرها وضرورة تعليمهم كيفية التواصل مع الجهات الأمنية إذا تلقوا مثل هذه الرسائل، وعمل حظر لمن أرسلها، وإبلاغ الجهات المعنية بالأرقام التي تروج للمخدرات أو المواقع الإلكترونية التي تقوم بأعمال مشبوهة ومخالفة والتي بدورها تقوم الجهات الأمنية بتتبع هؤلاء العصابات وإلقاء القبض عليهم أو الحد من تواصلهم وقطعها إذا كانوا خارج الدولة.. فربما تجاهل رسالة واحدة قد تنقذ الكثير، وربما الاستجابة إلى هذه الرسائل قد تهوي بك إلى السجون لسنوات».


حملة لمكافحة الترويج للمؤثرات العقلية

حملة «شاركنا _لنمنعها » تستهدف حماية المجتمع. أرشيفية

أطلقت وزارة الداخلية العام الماضي، حملة «شاركنا _لنمنعها»، التي تهدف إلى تعزيز التكاتف المجتمعي لمنع ومكافحة الرسائل المروجة للمخدرات والمؤثرات العقلية، والتي تصل من خارج الإمارات عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحذر مسؤولون أمنيون من التعاطي مع الرسائل والمكالمات التي ترد من مروجي المخدرات خارج الدولة، وتصل إلى كثير من الأفراد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يعرضون خلالها أنواعاً مختلفة من المخدرات والمؤثرات العقلية، ودعوا الأفراد إلى حظرها والإبلاغ عنها. وأكدت وزارة الداخلية، أخيراً، خلال الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، جهود الدولة في مواصلة مكافحة المخدرات والتوعية من مخاطرها وسبل انتشارها، وذلك بالتركيز على دور الأسرة بوصفها خط الدفاع الأول عن الأبناء، من خلال أنشطة متنوعة وبرامج تثقيفية تنفذها الوزارة والقيادات العامة للشرطة في الدولة؛ لتعزيز الوعي المجتمعي بالأخطار الناجمة عن تعاطي المخدرات.


أحجار السموم

قال مدير إدارة المراقبة وجمع المعلومات في مديرية مكافحة المخدرات في شرطة أبوظبي، العميد الدكتور جاسم الخزرجي، إن مديرية مكافحة المخدرات في شرطة أبوظبي ضبطت العديد من تجار المخدرات قبل ترويج سمومهم، وكشف أساليبهم، ومن ذلك قضية مدفع الإفطار، حيث حرص تجار على اختيار توقيت الإفطار لترويج كميات من المخدرات في شهر رمضان المبارك، ظناً منهم أنه لن يتم اكتشافهم، لكن تم مراقبتهم وضبطهم وتحويلهم للنيابة، وهناك قضية أخرى وهي أحجار السموم، وهي طريقة حاول فيها تجار المخدرات إخفاء المواد المخدرة داخل أحجار، بحيث يصعب على الأجهزة كشفها، لكن تم اكتشافهم وضبطهم وتقديمهم للعدالة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى